فصل: استيلاء أسفار على الري واستفحال أمره.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.بداية أسفار بن شيرويه وتغلبه على جرجان ثم طبرستان.

كان أسفار هذا من الديلم من أصحاب ماكان بن كالي وكان سيء الخلق صعب العشرة وأخرجه ماكان من عسكره فاتصل ببكر بن محمد بن أليسع في نيسابور وهو عامل عليها من قبل ابن سامان فأكرمه واختصه في العساكر سنة خمس عشرة وثلثمائة لفتح جرجان وكان ما كان بن كالي يومئذ بطبرستان وولى على جرجان أبا الحسن بن كالي واستراب بأبي علي بن الأطروش فحبسه بجرجان فجعله عنده في البيت وقام ليلة إليه ليقتله فأظفر الله العلوي به وقتله وتسرب من الدار وأرسل من الغد إلى جماعة من القواد فجاؤوا إليه وبايعوه وألبسوه القلنسوة وولى على جيشه علي بن خرشية وكاتبوا أسفار بن شيرويه بذلك وهو في طريقه إليهم واستدعوه فاستأذن بكر بن محمد وسار إليهم وسار على ابن خرشية في القيام بأمر جرجان بدعوة العلوي الذي معهم وضبط ناحيتها وسار إليهم ما كان بن كالي في العساكر من طبرستان وقاتلوه فهزموه واتبعوه إلى طبرستان فملكوها من يده وقاموا بها ثم هلك أبو علي الأطروش وعلي بن خرشية صاحب الجيش وانفرد أسفار بطبرستان وسار بكر بن محمد بن أليسع إلى جرجان فملكها وأقام فيها دعوة نصر بن سامان ثم رجع ماكان إلى طبرستان وبها أسفار فحاربه وغلبه وملك طبرستان من يده ولحق أسفار بجرجان فأقام بها عند بكر بن أليسع إلى أن توفي بكر فولاه السعيد على جرجان سنة خمس عشرة وثلثمائة ثم ملك نصر بن سامان الري بولاية المقتدر وولى عليها محمد بن علي بن صعلوك فطرقه المرض في شعبان سنة ست عشرة وثلثمائة وكاتب الحسن الداعي أسفار ملك جرجان بولاية نصر بن سامان فاستدعى مرداويج بن زيار من ملوك الجبل وجعله أمير جيشه وسار إلى طبرستان فملكها.

.استيلاء أسفار على الري واستفحال أمره.

لما استولى أسفار على طبرستان ومرداويج معه وكان يومئذ على الري وملكها من يد صعلوك كما ذكرناه واستولى على قزوبن وزنجان وأبهر وقم والكرخ ومعه الحسن بن القاسم الداعي الصغير وهو قائم بدعوته فلما خالفه أسفار إلى طبرستان وملكها واستضافها إلى جرجان سار إليه ماكان والداعي والتقوا بسارية واقتتلوا وانهزم ماكان وقتل الداعي وكانت هزيمته بتخاذل الديلم عنه فإن الحسن كان يشتد عليهم في النهي عن المنكر فنكروه واستقدموا خال مرداويج من الجبل واسمه هزرسندان وكان مع أحمد الطويل بالدامغان فمكروا بالداعي واستقدامه للاستظهار به وهم يضمرون تقديمه عوض ماكان ونصب أبي الحسن بن الأطروش عوض الحسن الداعي ودس إليه بذلك أحمد الطويل صاحب الدامغان بعد موت صعلوك فحذرهم حتى إذا قدم هزرسندان أدخله مع قواد الديلم إلى قصره بجرجان ثم قبض عليهم وقتلهم جميعا وأمر أصحابه بنهب أموالهم فامتعض لذلك سائر الديلم وأقاموا على مضيض حتى إذا كان يوم لقائه أسفار خذلوه فقتل وفر ماكان واستولى أسفار على ما كان لهم من الري وقزوبن وزنجان وأبهر وقم والكرخ واستضافها إلى طبرستان وجرجان وأقام فيها دعوة السعيد بن سامان ونزل سارية واستعمل على الري هرون بن بهرام صاحب جناح وكان يخطب فيها لأبي جعفر العلوي فاستدعاه إليه وزوجه من آمل وجاء أبو جعفر لوليمته مع جماعة من العلوبين فكبسهم أسفار وبعث بهم إلى بخارى فحبسهم بها إلى أن خلصوا مع يحيى أخي السعيد وكانوا في فتية حسبما ذكرناه ولما فرغ أسفار من الري تطاول إلى قلعة ألموت ليحصن بها عياله وذخيرته وكانت لسياه جشم بن مالك الديلمي ومعناه الأسود العين فاستقدمه أسفار وولاه قزوين وسأله في ذلك فأجابه فنقل عياله إليها وسرب في الرجال إليهم لخدمتم حتى كملوا مائة ثم استدعاه فقبض عليه وثار أولئك بالقلعة فملكوها وكان في طريقه إلى الري استأمن إليه صاحب جبلي نهاوند وقم ابن أمير كان فملكها ومر بسمنان فامتنع منه صاحبها محمد بن جعفر وبعث إليه من الري بعض أصحابه فاستأمن إليه وخدعه حتى قتله وتدلى من ظهر القلعة ثم استفحل أمر أسفار وانتقض على السعيد بن سامان وأراد أن يتتوج وبجلس على سرير الذهب واعتزم على حرب ابن سامان والخليفة فبعث المقتدر العساكر إلى قزوين مع هرون بن غريب الحال فقاتله أسفار وهزمه ثم سار بن سامان إلى نيسابور لحربه فأشار على أسفار وزيره مطرف بن محمد الجرجاني بمسالمته وطاعته وبذل الأموال له فقبل إشارته وبعث بذلك إلى ابن سامان وتلطف أصحابه في رجوعه إلى ذلك فرجع وشرط عليه الخطبة والطاعة فقبل وانتظم الحال بينهما ورجع إلى السطوة بأهل الري ولما كانوا عابوا عليه عسكر القتال ففرض عليهم الأموال وعسف بهم وخص أهل قزوين بالنهب لما تولوا من ذلك وسلط عليهم الديلم فضاقت بهم الأرض.